الثقافة الابتكارية… الفريضة المنسية
بقلم: أ. نورة جميع الهنداسي
مدير إدارة الدراسات والإتصال المؤسسي
دائرة الموارد البشرية
حكومة الفجيرة
يلعب الابتكار دورا محوريا في حياة المنظمات وديمومتها واستمراريتها، فهو القوة الدافعة وراء التقدم والنمو فيها، ولكن لا يمكن لهذا الدور أن يكون احترافيا إلا بغرس ثقافة ابتكارية تسود المنظمة وتوجهها نحو الوصول إلى أهدافها ومراميها، ولا أدل على ما نقول سوى تلك الشركات التي لا تزال مرابطة على عرش التنافسية منذ ما يقارب القرن ونيف.
إن غرس ثقافة الابتكار والتشجيع عليها يمكن أن يحقق فوائد جمة على المنظمة، وتأتي في مقدمتها زيادة الإنتاجية، وتحسين رضا العملاء، وتعزيز القدرة التنافسية، ومع ذلك، فإن تعزيز مثل هذه الثقافة الخلاقة لا يخلو من التحديات.
سنناقش في هذا المقال فوائد تشجيع ثقافة الابتكار، واستراتيجيات تحقيق ذلك، والتحديات التي قد تواجهها المنظمات في القيام بذلك.
إن ثقافة المنظمات الابتكارية تتسم بالميل إلى تأكيد روح المبادرة وأسبقية الأفراد على القواعد والإجراءات المحددة، مع رؤية مفتوحة لتقبل أية فكرة جديدة بأقل قدر من الاعتراضات التي تحبط الابتكار ومبادراته، ولكي تستطيع المنظمات تحقيق ذلك لابد من تقليص قواعد العمل الجاهزة وأدلة العمل.
إن تعزيز ثقافة الابتكار كما أشرنا يمكن أن يحقق لا حصر لها للمؤسسات:
أولاً، يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والكفاءة، فعندما يتم تشجيع الموظفين على التفكير بشكل إبداعي والتوصل إلى أفكار جديدة، فمن المرجح أن يجدوا حلولاً مبتكرة للمشاكل وتبسيط العمليات، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية، وهو ما يمكن أن يترجم إلى توفير في التكاليف وزيادة الأرباح.
ثانياً، يمكن أن تؤدي الثقافة المبتكرة إلى تحسين رضا العملاء وزيادة ولائهم، فعندما تكون المؤسسات قادرة على تقديم منتجات أو خدمات جديدة ومبتكرة، فمن المرجح أن تجذب العملاء وتحتفظ بهم، بل ويتعدى الأمر إلى ما هو أكثر من ذلك، حين يقوم عملاءها بالترويج والتسويق لها، وهو أقصى ما قد تبلغه المنظمة وتروم إليه، وغالباً ما ينجذب العملاء إلى الشركات التي تكون في طليعة صناعاتهم وترغب في تقديم شيء جديد ومختلف.
وأخيراً، فإن تعزيز ثقافة الابتكار يمكن أن يعزز القدرة التنافسية للمنظمة ونموها عبر زيادة حصتها السوقية، وزيادة الأرباح، والاستدامة على المدى الطويل وذلك للبقاء في الصدارة، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال الابتكار المستمر والتشجيع على هذه الفريضة المنسية في كثير من المنظمات.
هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن للمنظمات توظيفها لتشجيع ثقافة الابتكار:
أولاً، يمكنهم تشجيع التجريب والمجازفة، وهذا يعني خلق بيئة يتمتع فيها الموظفون بالحرية في تجربة أفكار جديدة وتحمل المخاطر المحسوبة دون خوف من الفشل، ويمكن تحقيق ذلك من خلال توفير الموارد والدعم اللازمين، فضلاً عن الاعتراف بالأفكار المبتكرة ومكافأتها.
ثانياً، يمكن للمنظمات التأكيد على التعلم والتطوير المستمر، وهذا يعني توفير الفرص للموظفين لتعلم مهارات جديدة، واكتساب المعرفة التي يمكن أن تساعدهم على الخروج بأفكار جديدة ومبتكرة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال برامج التدريب والإرشاد وأشكال التطوير المهني الأخرى.
وأخيراً، وفي ذات السياق، يمكن القول أن المنظمات تستطيع تعزيز التعاون والتواصل المفتوح، وذلك عبر خلق ثقافة التعاون، فمن المرجح أن يشارك الموظفون الأفكار ويعملون معاً لإيجاد حلول مبتكرة للمشكلات، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء فرق متعددة الوظائف، وعقد جلسات العصف الذهني، وتشجيع قنوات الاتصال المفتوحة.
وعلى الرغم من فوائد تعزيز ثقافة الابتكار وجعلها فريضة دائمة ومستدامة، إلا أن هناك العديد من التحديات التي قد تواجهها المنظمات في القيام بذلك:
أولاً، قد تكون هناك مقاومة للتغيير والخوف من الفشل وهذا ما أكد عليه جون كوتر في كتابه “جبلنا الجليدي يذوب”، حيث يتردد الموظفون في تجربة أفكار جديدة وتحمل المخاطر، خاصة إذا كانوا يخشون أن يؤدي الفشل إلى عواقب سلبية.
ثانياً، قد يكون هناك نقص في الموارد والدعم، حيث أن الابتكار يتطلب في كثير من الأحيان الاستثمار في البحث والتطوير، فضلا عن الأدوات والمعدات اللازمة، إذا لم يكن لدى المنظمات الموارد اللازمة لدعم الابتكار، فقد يكون من الصعب تعزيز ثقافة الابتكار.
وأخيراً، قد تكون هناك تحديات ثقافية وتنظيمية، وقد يكون لدى بعض المنظمات ثقافة مقاومة للتغيير والابتكار، أو قد يكون لديها هياكل وعمليات لا تدعم الابتكار، وهذا قد يتطلب جهوداً وموارد كبيرة للتغلب على هذه العوائق.
رائع جدا 🤍✨
ابداع رائع